أخبار الرياضة

مالكوم.. استقبلته روسيا بـ”عنصرية” فمنحه بوتين جنسيتها

كانت حمى مالكوم اكس، الداعية والناشط الاجتماعي، تجتاح العالم بقوة فى الستينات الميلادية قبيل اغتياله، تأثر أغلب ذوي البشرة السمراء حول الكره الأرضية بأفكاره، أحدهم يدعى فيليبي دي أوليفيرا الذي أسمى طفله المولود على اسم الرجل الأميركي بعد وفاة الأخير بـ32 عاماً.

كان فيليبي أوليفيرا الذي يعيش فى ساوباولو، رابع أكثر مدن العالم ازدحاماً، ومدينة المال والأعمال فى البرازيل، من المتأثرين بأفكار مالكوم اكس أو “الحاج مالك الشباز” والذي اغتيل فى العالم 1965 فى مدينة نيويورك الأميركي.

أعاد الممثل الأميركي دينزل واشنطن إحياء اسم مالكوم اكس فى إحدى روائعه وهو فيلم يحمل ذات الاسم عام 1992، وبعد ذلك التاريـخ عندما بُشر فيلبي بقدوم مولوده الجديد يـوم 26 فبراير 1997 اختار له اسم مالكوم تيمناً بالداعية المعروف.

لم يكن مالكوم دي أوليفيرا جيداً فى دراسته بل كان يطمح لأن يكون لاعــب كرة قدم مثل ملايين البرازيليين، وبدأ فى فئات كورنثيانز العمرية عندما بلغ الثامنة من عمر، بعدها بستة أعوام استدعاه رجل يعرف الرياض جيداً وهو مانو مينيزيس مدير فني النصر، غريم فريق مالكوم الجديد الهلال، ليلعب مع النادى الاول وهو بالكاد أكمل 17 عاماً.

مع النادى الاول تعرف مالكوم على مجموعه من الزملاء، سيجعله القدر يلتقيهم بعد 9 أعوام من ذلك التاريـخ على بعد آلاف الأميال، إذ يضم فريق كورنثيانز حينها رومارينيو مهاجـم اتحاد جدة وبيتروس لاعــب الفتح، بخلاف لاعــب سبق له اللعب فى السعوديه وهو برونو هيرنيكي.

يقول زميله أونديل: لا يمكن ان أصدق ذلك، مع كل الضغط الذي يضعه جمهور كورنثيانز على اللاعبــين، يظهر مالكوم كلاعب أساسي وهو بعمر 17 عاماً دون ان يهاب ذلك، عندما شاهدت كيف يتمرن معنا ويلعب فى المباراه بسن مبكرة، عرفت أننا امام مشروع لاعــب كثير.

يتذكر مالكوم سنـوات الدراسة ويقول: لم أكن مهتماً بالدراسة بقدر اهتمامي بكرة القــدم، دراستي كانت عبر “يوتيوب” لقد كنت أتابع روماريو وأحاول التعلم منه، سأقول إنني أملك حس المسؤولية “بلا مسؤولية”.

تعاقد معه بوردو الفرنسي بعد انطلاقته مع كورنثيانز بعامين، الغريب فى الأمر أنه كان قبلها يحاول الحصول على فرصة فى مرسيليا العريق لكن انتهى به المطاف فى بوردو شهر يناير 2016، وعندما وقع معه النادى قــال الرئيس سراً: لن ننتظر منه شيئاً فى الأشهر الستة الأولى لانه قادم من البرازيل ويحتاج إلى وقت للاستقرار والتأقلم، لكن مالكوم فاجأ الجميع بعدما اجتاز كل تلك المراحل بل أصبح يتحدث الفرنسية بشكل جيد أثناء وقت قصير للغاية.

يعود مالكوم للحديث عن التعلم قائلاً: أنا مثل “الاسفنجة” عندما يتعلق الأمر باللغات، فقد استطعت تعلم اللغة الفرنسية بسرعة، والإسبانية أثناء أقل من عام فى برشلونه، وكذلك اللغة الروسية.

فى بوردو كان مالكوم الشعلة المضيئة فى موسمين صعد فيهما موسم النادى وهبط، أصبح قائدا داخل غرفة الملابس وكلمته مسموعة، والكل يعرف أنه القلب النابض للفريق، لكن مع هذا ارتكب الصغير خطأ أغضب الجميع لكن تم تداركه بسرعة.

كان نيمار يعيش عامه الاول فى فرنسا بعد صفقة انتقـال قياسية، وواجه بوردو مع باريس، انتهت المباراه 6-2 لمصلحة الأخير وسجل مالكوم هدفاً للزوار، قبل ان يسحب هاتفه ويجمع أفراد عائلته لالتقاط “سيلفي” مع مواطنه المعروف ما أغضب الجماهير التي رأت ان تصرف اللاعب لا يمكن ان يصدر من شخص يحترم مشاعر الأنصار، لكن اداره النادى اعتبرت ذلك “خطأ مراهق” وجددت عقده.

فى صيف 2018 كان مالكوم على موعد مع رحلة إلى العاصمة الإيطالية للتوقيع مع ذئابها بعد اتفاق بوردو وروما على انتقـال الموهوب البرازيلي، جماهير روما تحتشد فى المطار لاستقبال اللاعب الموهوب، وفجأة دخل برشلونه على الخط ودفع 41 مليون يورو لجلب الجناح الأيمن إلى كاتالونيا، وإذا قــال برشلونه للاعب برازيلي “هل تنضم إلينا؟” فإنه على الأرجح سيوافق دون تفكير.

لم يحصل مالكوم على فرصة حقيقية مع المدرب إرنيستو فالفيردي، لم يلعــب إلا دقائق معدودة، وعندما دفع به فى مباراه أوروبية امام إنتر ميلان شهر نوفمبر 2018 سجل اللاعب هدفاً بعد نزوله بدقيقتين ثم انفجر بالبكاء، فالضغوط كانت أكبر من ان يحتملها البالغ من العمر 21 عاماً حينها.

يقول مالكوم بعدها بأعوام لصحيفة “لا فانغوارديا”: كنت أعيش حلماً، لكن الأمر كان صعباً للغاية، فالفيردي لم يكن يمنحني الفرصة، كان يريد الاتفاق مع ويليان جوزيه والإدارة اختارتني فأصبحت أنا الضحية.

وأتبع: عندما سجلت هدفي الاول مع برشلونه توقعت ان أحصل على دقائق أكثر لكن ذلك لم يحدث، كان يمنحني 10 دقائق على الأكثر، حتى عندما خسر النادى 4-0 امام ليفربول وكان مطالباً بالتسجيل، دفع بي فى الـدقيقـه 80 ماذا كان يتوقع ان أفعل؟ ببساطة لم أكن خياره وأنا من دفع الثمن.

رحل مالكوم من برشلونه بعد حضوره بعام واختار الاتجاه إلى روسيا، وعن ذلك يقول: طلبت من وكيلي البحث عن فريق فى دورى أبطال أوروبا وعندما جاء عرض زينت وافقت بلا تردد، حتى درجات الحرارة المنخفضة لم تجعلني أفكر مرتين.

بدايته مع زينت لم تكن مثالية بل استقبله أنصار فريقه بهتافات عنصرية فى مباراته الأولى بينما كان هناك لافتة كتب عليها “شكراً للإدارة على احترام تقاليدنا”، إذ تم تفسيرها بأنها رسالة تحمل دلالات عنصرية تجاه مالكوم لكن النادى نفى ذلك.

وتجاوز مالكوم ذلك كله وأصبح معشوق الجماهير فى سان بطرسبرغ، وقاد النادى إلى الفــوز ببطولة الدورى الروسي 4 مواسم متتالية بالإضافـة إلى كـأس روسيا وكأس السوبر الروسية، مسجلاً 42 هدفاً مع النادى أثناء 109 ماتشات.

وبعد واقعة العنصرية بما يزيد عن أربعة أعوام بقليل، اعلن النادى فى فبراير الماضي حصول مالكوم على الجنسية الروسية إلى جانب مواطنه وزميله فى النادى كلاودينيو بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P