أخبار عاجلة

مع زيادة حدة التوتر بين المليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق والولايات المتحدة الكاتب والباحث السياسي “نظير الكندوري” وعضو الهيئة العراقية لإدارة العصيان المدني في حوار خاص

 

– حكومة الكاظمي غير قادرة على كبح جماح مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران ، وإيران تستخدم المليشيات للضغط على الولايات المتحدة في محادثات فيينا .
– لا أتوقع نشوب حرب مياه في المنطقة العربية .

شهدت الأيام الماضية زيادة حدة التوتر بين مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق والقوات الأمريكية العاملة هناك إثر مهاجمة تلك المليشيات لقواعد أمريكية في أربيل وهو ما ردت عليه القوات الأمريكية بمهاجمة قواعد للحشد الشعبي واغتيال عدد من قادته ، وفي ظل تزايد التوتر الذي ينذر بأتساع دائرة الصراع في المنطقة أدلى الكاتب والباحث السياسي نظير الكندوري وعضو الهيئة العراقية لإدارة العصيان المدني بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات وفيما يلي نص الحوار :-

1- نريد أولا أن تعطينا نبذة عن إدارة العصيان المدني والدور الذي تقوم به ؟
فيما يخص “هيئة العراقية لإدارة العصيان المدني” فهي هيئة انبثقت من صفوف المتظاهرين، لتنظيم فعالية جماهيرية تمسى العصيان المدني، واتخاذ هذه الفعالية الجماهيرية بعد أن الوسائل “الديمقراطية” مثل الانتخابات والتعبير بوسائل الأعلام لن تصل بهم لإحداث التغيير الذي ينشدوه، كما وصلت الجماهير أيضًا إلى حقيقية أن التظاهرات لوحدها لن تُمكن الجماهير العراقية بالوصول لأهدافها المُحقة، كما أن المشهد العراقي وفق المعطيات الحالية، هو سائر إلى الحرب الأهلية، سواء حربًا فيما بين المليشيات المختلفة وهي في طريقها للاستئثار بالسلطة، أو حربًا أهلية بين الجماهير العراقية من جهة والنظام العراقي والميليشيات التي تسانده من جهة أخرى.
وبالتالي فأن الفعالية الجماهيرية التي تدعى “العصيان المدني” يمثل الحل الأخير للجماهير العراقية لحل المشكلة التي يعاني منها الشعب العراقي، قبل أن ينزلق البلد في أتون حرب أهلية سوف تطحن البلد ومن فيه.
“الهيئة العراقية لإدارة العصيان المدني” والتي تأسست قبل ثلاث أشهر، ستتولى تنظيم فعالية العصيان المدني وإدارتها بشكل يحقق الأهداف المرفوعة، وذلك من خلال تثقيف الجماهير بماذا يعني العصيان المدني، وما هي شروط تفعيله، والوضع القانوني له في الدستور العراقي وباقي دساتير العالم، وماهي الثمار المرجوة منه، بالإضافة إلى معرفة ما هي الشرائح التي ستقوم به وكيف يتم عملها. وبعد ذلك يتم تشكيل المجاميع التي ستقود العصيان المدني على مستوى الحارات والمدن والاقضية، والتي ستكون مهمتها العمل على إدارة العصيان المدني وتشجيع الناس للانخراط به، وتفعيل التكافل الاجتماعي للتغلب على أثار العصيان المدني التي ستنعكس على الطبقات الفقيرة، وغيرها من الأمور. ولأجل ذلك فقد قامت الهيئة بعدة مؤتمرات شعبية كان أخرها المؤتمر الثالث الذي سلط الضوء على دور المرأة في تعيل العصيان المدني، وحضر المؤتمر ضيوف من عدد من الدول العربية التي طرحت تجربتها في العصيان المدني لتكون حاضرة أمام النساء العراقيات حتى تستفاد منها.

2- كيف ترى تأثير الإحتجاجات والتي أطلق عليها ثورة العشرين والتي طالبت بإنهاء سيطرة إيران على العراق؟
إسمها (ثورة تشرين لتزامن انطلاقها بالشهر العاشر من سنة 2019 في شهر تشرين الأول)
ثورة تشرين، رغم أنها لم تستطيع أن تصل إلى تحقيق شعاراتها المتمثلة بتغيير النظام وطرد النفوذ الإيراني واستعادة سيادة البلد، إلا أنها أحدثت هزة كبيرة للنظام العراقي، وحققت ثورة في الوعي عند الشعب العراقي، وقامت بإحياء الهوية الوطنية العراقية وقضت على النزعات الطائفية التي أسستها الأحزاب، وبالتالي فأن ثورة تشرين، إذا كانت فقد هذه نتائجها، فيمكن اعتبارها بأنها ثورة ناجحة. ومن الأمور المهمة بخصوص هذه الثورة، أنها على استعداد لاستعادة زخمها في كل فرصة سانحة، لان أفكارها قد تشربت بعقول الشباب وأصبحت ثقافة جماهيرية، وفي اعتقادنا، أن زخم هذه الثورة سوف يعود بكل قوة في حال توفر القيادات الشبابية الواعية، الأمر الذي يمكنها من الوصول لأهدافها في إحداث التغيير المطلوب في المنظومة السياسية الحاكمة.

3- ما هي قدرة الحكومة العراقية على القبض والكشف عن المتورطين في قتل الناشطين السياسيين والمسئولين الأمنيين؟ وما هو الدور الذي تقوم به الهيئة العراقية لإدارة العصيان المدني؟
موضوع الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين السياسيين، لا يتعلق بقدرة الحكومة على فعل ذلك، إنما يتعلق الأمر على إرادة هذه الحكومة للقيام بهذه الخطوة، فكما يعلم الجميع، أن هذه الحكومة وباقي الحكومات التي سبقتها، لا تفتقر إلى الوسائل التي تمكنها من معرفة القتلة، ولديها الإمكانيات التي تمكنها من اعتقالهم، لكن لا توجد إرادة لفعل ذلك، كون هذه الحكومة هي جاءت من رحم ذات الأحزاب التي تمتهن قتل المتظاهرين وباقي الناشطين السياسيين. وحينما جرب الكاظمي أن يخرج من الطوق الذي يحيد به من قبل الأحزاب والمليشيات، كان رد فعل تلك الأحزاب والمليشيات شديدًا للدرجة التي كادت أن تنفذ انقلابًا عسكريًا عليه حينما أحاطت بالمنطقة الخضراء وطوقتها عسكريًا وفرضت عليه إطلاق سراح أحد قادتها الذين تم اعتقالهم بتهمة قتله لأحد الناشطين البارزين.

4- كيف ترى انعكاسات القمة المصرية الأردنية العراقية على الأوضاع الداخلية في الدول الثلاث وعلى أوضاع المنطقة؟
من الواضح أن القمة الثلاثية التي تُعقد للمرة الرابعة بين الدول الثلاث، لا ترتقي لأن تكون مؤثرة على الأوضاع الداخلية الخاصة بها. فهذه التكتل الثلاثي بالأساس كان الغرض منه اقتصادي، ناتج عن رغبتها بالانعتاق والتحرر من الضغوطات الاقتصادية التي تحيط بها. فمن جانب العراق، قد تأثر بشكل بالغ من انخفاض أسعار النفط عالميًا وبالأخص بعد اجتياح جائحة كورونا العالم مما سبب انخفاض شديد في الطلب العالمي على النفط، أما الأردن فهي الأخرى تأثرت بشكل بالغ من الإغلاق الذي رافق جائحة كورونا بالإضافة إلى تأثرها بالخلافات الخليجية وعدم ارتياح دولتي الإمارات والسعودية من سياسة الملك عبدالله الثاني فيما يخص فلسطين وعمليات التطبيع المتسارعة التي اجتاحت المنطقة. أما مصر، فهي الأخرى تعاني من ضغوطات اقتصادية كبيرة، ولم تَرَ الإصلاحات الاقتصادية والمشاريع الكبرى التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي النور حتى الان. وبالتالي فليس من المتوقع أن يكون لهذه القمم تأثيرًا يُذكر على أوضاع البلدان الثلاث، بالرغم من البيان الختامي لمقمة بغداد أكد على التعاون فيما بينهما في مجال مكافحة الإرهاب، وتسهيل حصول تأشيرات الدخول بين البلدان الثلاث.
من جانب أخر، ترى كل دولة من الدول الثلاث المشاركة في هذا التكتل الاقتصادي، فرصة بالاستفادة من الدولتين الأخريين، فمن الجانب المصري، ترى أنها تستطيع أن تقدم للعراق خدمة في موضوع إعادة التعمير نضرًا لبعض النجاحات التي احرزتها الشركات المصرية في هذا المجال مؤخرًا، في مقابل الاستفادة من النفط العراقي، بمعنى (النفط مقابل الأعمار) فيما ترى الحكومة العراقية بقيادة مصطفى الكاظمي، أن الانفتاح على مصر والأردن فيه مصلحة لحكومته من ناحية تقليل اعتماده على إيران وبضائعها والانفتاح على العرب في هذا الشأن، الأمر الذي يطمح له الكاظمي بأنه خطوة في طريق الانعتاق من سطوة النفوذ الإيراني على بلاده. أما الأردن، فهو يتطلع بشدة إلى الحصول على النفط العراقي بأسعار مخفضة بالإضافة إلى تحويل الأردن إلى منفذ بحري لتصدير النفط الخام العراقي القادم إليه عبر أنبوب النفط الذي سيتم إنشاؤه قريبًا انطلاقًا من البصرة إلى خليج العقبة على البحر الأحمر. كما وتتطلع مصر والأردن أن يكون العراق سوقًا جيدًا لتصريف البضائع المصرية والأردنية خلالها .

5- هل تتوقعون إنضمام دول أخرى كسوريا إلى المحور الجديد؟
عند البدء في هذا التكتل الاقتصادي بين الدول الثلاث، جعلوا الباب مفتوحًا لانضمام دول أخرى إليه، وبما أن دول الخليج هي بالأصل ضمن تكتل سياسي واقتصادي أخر مختلف عن هذه الدول الثلاث، فلم يبقى سوى سوريا ولبنان، إذا استثنينا دول المغرب العربي التي لها وضعها الخاص المختلف عن دول المشرق العربي، لكن دخول سوريا ولبنان وهما في وضعهما الاقتصادي المتدهور الحالي إلى هذا التكتل الثلاثي الاقتصادي الناشئ، لن يضيف ميزة له مفيدة، وسيكون حجر عثرة أكثر من أن يكون عامل تطوير له. وبالتالي فأن هذا التكتل إذا ما نجح في جهوده بالنهوض باقتصاديات الدول المؤسسة الثلاث، وإذا ما تغيير وضع سوريا ولبنان الاقتصادي نحو الأفضل، فمن الممكن أن يكون لهما فرصة بالدخول إلى هذا التكتل الاقتصادي. وعلى هذا الأساس، فأن دخول سوريا أو لبنان لهذا التكتل غير وارد في الفترة المنظورة.

6- في ظل تعاظم دور مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران، ما هي قدرة رئيس الوزراء العراقي على كبح جماح تلك الميليشيات؟
لقد أثبتت الفترة الماضية من عمر حكومة مصطفى الكاظمي، بأن قدرته على كبح جماح المليشيات الموالية لإيران محدودة جدًا، وأن هذه المليشيات هي سيدة المشهد العسكري والأمني في العراق، وبالتالي فرض ذلك عليه، التراجع عن كثير من إجراءاته التي كان يعد بها العراقيين، من فرض لسيادة الدولة وحصر للسلاح المنفلت وجعله بيد الدولة.
ويدور اليوم صراعًا خفيًا بين المليشيات المنضوية بالحشد الشعبي، وبين حكومة الكاظمي، وتفرض عليه اجندتها ورؤيتها في توجهات الحكومة السياسية والعسكرية. وآمال الكاظمي بتحجيم المليشيات وكبحها، ثم الترشح لولاية ثانية، قد ذهبت أدراج الرياح، ولأجل ذلك قرر عدم الترشح في الانتخابات القادمة، وأعلن الحزب الذي عرف بأنه الحزب الداعم له في الانتخابات، أعلن عدم خوضه للانتخابات المبكرة القادمة.
ويعتقد الكاظمي، بأن الجانب الأمريكي لم يقف معه في مواجهة المليشيات أو النفوذ الإيراني، ففي الوقت الذي ما زالت تستمر إيران في دعم ميليشياتها عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا، وجد الكاظمي أن هناك دعمًا أمريكيًا خجولًا له. ومن المرجح ألَّا يكون للكاظمي مستقبلًا سياسيًا بعد انتهاء فترته الرئاسية الحالية.

7- هل ترى أن إيران سوف تستخدم تلك الميليشيات خلال المرحلة القادمة كوسيلة ضغط على الولايات المتحدة في مفاوضات فيينا؟
في ظل تفاقم الوضع بين إيران والولايات المتحدة، وتعثر مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني، تحاول إيران تعزيز موقفها التفاوضي من خلال الضغط على الجانب الأمريكي في العراق، والقيام بإحراجه، وذلك من خلال الضربات العمياء التي تقوم بها المليشيات والتي في غالبها لا تصيب أهدافها، لكنها بالتأكيد تصيب أهدافًا على المستوى الإعلامي وعلى مستوى التسبب في صداع رأس الإدارة الأمريكية.
لكن عندما فطن الأمريكان لهذا الأسلوب الإيراني، قرروا الرد بشكل قاسي على بعض المليشيات الموالية لإيران للحد من عملياتها العسكرية ضد التواجد الأمريكي، وفي اعتقادنا إن الرد الأمريكي سوف لن يثني إيران من القيام باستهداف المصالح الأمريكية في العراق مرة تلو المرة، ذلك لأنها تتنكر إلى أن هذه المليشيات تابعة لها، بالإضافة إلى أنها تقود حربًا محدودة خارج أراضيها لا تكلفها دمًا ولا تدمر شيئًا خاصًا بها ولا تدفع من مواقفها السياسية أو العسكرية شيء. فهي حرب رخيصة على الجانب الإيراني تدار بالدم العراقي الرخيص بالنسبة لها.

8- ما هي الأسباب التي دفعت بعض رجال الدين الشيعة إلى التهديد بإزالة مراقد رموز سنية كمرقد أبو حذيفة النعمان ؟
(الحقيقة أن مرقد أبو حذيفة النعمان لم تتم إزالته)
إن تهديد بعض رجال الدين الشيعة المتطرفين وأتباعهم، لتهديم وإزالة مرقد أبو حذيفة النعمان، الغاية منه تأجيج المشاعر الطائفية بين أوساط الشعب العراقي، فهذا المرقد والمسجد الملحق به، يعتبر من أكثر الأماكن رمزية للسنَّة في العراق، وبالتالي فأن استهدافه بالتفجير أو الإزالة سوف يعزز التطرف الطائفي بشدة في البلد، وبالتأكيد أن هذا العمل سيكون له مصلحة انتخابية كبيرة للأحزاب المشاركة بالسلطة ونحن على أعتاب انتخابات نيابية قادمة بعد ثلاث أشهر من الان.
كما أن الأحزاب الممسكة بالسلطة، وبعد مضي 18 سنة بالحكم، فقدت الكثير من شعبيتها، وأصبحت عملية انتخابها مرة ثانية من قبل المواطنين العراقيين أمرًا مشكوكًا به بشدة. ولا يوجد حل إلا بإعادة أحياء التطرف الطائفي واستقطاب الناس للأحزاب التي تمثلها طائفيًا.
ولأجل ذلك فقد ظهرت دعوات أخرى غير دعوة هدم مرقد الإمام أبو حنيفة، مثل دعوة إزالة تمثال أبو جعفر المنصور، الذي بنى بغداد، واستمرار المداهمات والعمليات الأمنية في حزام بغداد المكون في غالبيته من العرب السنَّة، بالإضافة إلى محاولة إقامة مشاريع عملاقة بالمناطق السنية من بغداد الأمر الذي يتسبب في تهجير أهلها من بيوتهم واستبعادهم من بغداد في خطة تغيير ديمغرافي واضحة.

9- ما هي أبعاد المخططات التركية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق؟ وهل ترى أن صراعا إيرانيا تركيا يدور في تلك المنطقة وما هي أهدافه؟
تركيا ومنذ انهيار مفاوضات السلام التي كانت تدور بينها وبين حزب العمال الكردستاني عام 2015، قادت حملات عسكرية كبيرة في شمال العراق، للقضاء على هذا الحزب وإزالة تهديده للدولة التركية. وبعد هذه الفترة الطويلة من الصراع العسكري، وجدت تركيا أن مصلحتها أن يكون لها تواجد عسكري دائم في مناطق شمال العراق للحد من نشاط الحزب، ولأجل ذلك فهو يرتبط بعلاقات جيدة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على مناطق محافظة أربيل ودهوك وما حولها.
لكن حزب العمال الكردستاني هو الأخر قد بنى علاقات وثيقة وجيدة مع الحزب الكردي الأخر وهو حزب الاتحاد الكردستاني المقرب من إيران وتنتشر مقراته في المناطق التي يسيطر عليها هذا الحزب في محافظتي السليمانية وحلبجة وما جاورهما، بالإضافة إلى توثيق علاقته مع فصائل الحشد الشعبي الذي دعم هذا الحزب ماليًا وعسكريًا، وخاض حزب العمال بالمشاركة مع فصائل الحشد الشعبي في ضرب بعض المصالح الأمريكية كانت أخرها مساعدتهم لفصائل الحشد في تسيير الطائرات المسيرة التي استهدفت مصالح أمريكية في أربيل، هذا ما أعلنه مسؤول عراقي استخباراتي رفض الكشف عن أسمه لموقع عربي بوست، كما وشارك حزب العمال في اجتماع قاأني قائد فيلق القدس الإيراني بالفصائل المسلحة الشيعية، والذي كان محوره عن كيفية تكثيف ضربات المليشيات للقوات الأمريكية في العراق بالطائرات المسيرة، كما أن لهذا الحزب عمليات مشتركة مع الفصائل الشيعية في مناطق بالقرب من قضاء سنجار شمال العراق ضد القوات التركية.

10- في ظل أزمة المياه التي يعيشها العراق بسبب التدخلات التركية والإيرانية فضلا عن أزمة المياه التي تواجهها مصر بسبب سد النهضة، هل ترى أن المنطقة مقبلة على حرب مياه ؟
من غير المتوقع أن تتسبب أزمة المياه التي تعاني منها بعض الدول العربية، سببًا لإشعال نار الحرب بينها وبين دول المنبع، فمن ناحية مصر، فأن خوضها حربًا مع أثيوبيا بسبب سد النهضة أمرًا مستبعدا بسبب صعوبة إدارة مثل هذه الحرب وبُعد أثيوبيا جغرافيًا عن مصر، وتكاليف مثل هذه الحرب التي ستجعل الاقتصاد المصري في أضعف حالاته، كما أن مشاركة السودان في مثل هذه الحرب أمرًا مستبعدًا أيضًا نظرًا للظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها. وبالتالي فأن مصر ربما تراهن على الاضطرابات الداخلية التي تحدث في اثيوبيا لتوظيفها لصالحها. أما فيما يتعلق بالعراق، فمن ناحية إيران التي غيرت مسار العديد من الأنهار والجداول إلى داخل إيران وحرمت العراق من تلك المياه، فمن غير المتوقع أن تتطور الأمور معها ليشن العراق حربًا على إيران، فالنظام الإيراني يتمتع بنفوذ قوي جدًا في العراق، ولديها تعاونًا اقتصاديًا وسياسيًا وحتى عسكريًا مع المنظومة السياسية الحاكمة في العراق، أما فيما يخص تركيا التي هي بدورها تحتجز كميات كبيرة من حصص العراق المائية القادمة عبر نهري دجلة والفرات، فأن الحكومة العراقية لا تفكر بخوض صراع عسكري معها بتاتًا، والسبب يعود إلى عدم استعداد العراقي خوص مثل هذا الصراع بسبب ضعفه العسكري، وبسبب أن حكومة الكاظمي تحاول من خلال تركيا أن تخفف من سيطرة ونفوذ إيران. وبالتالي فأن العراق بدلًا من أن تسوء علاقته بتركيا بسبب تقليل المياه القادمة للعراق منها وبسبب تدخلاتها العسكرية في الشمال، نرى تعزيزًا للعلاقات العراقية التركية، وهناك تجارة مع تركيا تصل إلى ما يزيد عن 12 مليار دولار يستوردها العراق من تركيا على شكل بضائع مصنعة ومواد غذائية.

حاوره/ مصطفى عمارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P