تشهد الأسواق السورية تقلبات مستمرة في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، حيث سجل الدولار ارتفاعًا نسبيًا في السوق السوداء خلال تعاملات السبت ، 17 مايو 2025، يأتي هذا الارتفاع بعد فترة من تحسن قيمة الليرة، مدعومة بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، وهو القرار الذي أثار تفاؤلاً واسعًا بإمكانية انتعاش الاقتصاد السوري.
ومع ذلك، يبدو أن السوق الموازية لا تزال تعاني من عدم الاستقرار، مما يثير تساؤلات حول العوامل المؤثرة على هذه التقلبات، نستعرض أسعار الصرف الحالية، ونحلل أسباب ارتفاع وانخفاض الليرة، مع تسليط الضوء على تأثير رفع العقوبات على الاقتصاد السوري.
سعر الدولار اليوم في سوريا
وفقًا لآخر التحديثات من موقع “الليرة اليوم”، الذي يرصد تعاملات السوق السوداء، ونشرة مصرف سوريا المركزي، جاءت أسعار صرف الدولار والعملات الأخرى كالتالي:
سعر الدولار في السوق السوداء
- دمشق: 9800 ليرة للشراء، 10100 ليرة للبيع.
- حلب: 9800 ليرة للشراء، 10100 ليرة للبيع.
- إدلب: 9800 ليرة للشراء، 10100 ليرة للبيع.
- الحسكة: 10100 ليرة للشراء، 10250 ليرة للبيع.
- 100 دولار أمريكي: تعادل 980,000 ليرة سورية في السوق السوداء.
سعر الدولار في مصرف سوريا المركزي
- متوسط السعر: 11,110 ليرة للشراء، 11,055 ليرة للبيع، وفقًا لنشرة المصرف الرسمية.
سعر اليورو في السوق السوداء
- 10957 ليرة للشراء، 11298 ليرة للبيع.
سعر الليرة التركية في السوق السوداء
- 251 ليرة للشراء، 261 ليرة للبيع.
تظهر هذه الأسعار تباينًا واضحًا بين السوق السوداء والسعر الرسمي، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين التعاملات الرسمية وغير الرسمية في سوريا.
أسباب ارتفاع وانخفاض سعر الليرة السورية
تشهد الليرة السورية تقلبات حادة نتيجة عوامل سياسية واقتصادية متعددة، نستعرض أبرزها فيما يلي:
1. رفع العقوبات الأمريكية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال جولته الخليجية، نيته رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 2011، وهو القرار الذي وصفه الرئيس السوري أحمد الشرع بـ”التاريخي والشجاع”.
هذا الإعلان أدى إلى ارتفاع قيمة الليرة بنسبة تصل إلى 10% في السوق السوداء خلال الأيام الأولى، حيث انخفض سعر الدولار من مستويات مرتفعة إلى حوالي 8100-8400 ليرة.
ومع ذلك، فإن الارتفاع الأخير في سعر الدولار يشير إلى أن تأثير هذا القرار قد يكون مؤقتًا أو “وهميًا”، كما أشار الخبير الاقتصادي جورج خزام، الذي حذر من أن الانخفاضات السريعة غير المرتبطة بزيادة الإنتاج أو الصادرات قد تتبعها ارتفاعات أكبر.
2. الفجوة بين السوق الرسمية والسوداء
يحافظ مصرف سوريا المركزي على استقرار سعر الصرف الرسمي عند مستويات أعلى من السوق السوداء، مما يعزز الاعتماد على السوق الموازية لتحديد الأسعار الفعلية للعملات الأجنبية
. هذا التباين يؤدي إلى اتساع فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات النقدية، ويزيد من الضغط على الليرة في السوق السوداء.
3. التوقعات الاقتصادية والاستثمار الأجنبي
تعهدت الحكومة السورية بتعزيز المناخ الاستثماري وتحديث التشريعات الاقتصادية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة في قطاعات الطاقة، النفط، والغاز.
كما أعلنت دول مثل قطر والسعودية عن مبادرات لدعم إعادة الإعمار وتسديد المتأخرات المستحقة على سوريا للبنك الدولي.
ومع ذلك، فإن هذه التعهدات لم تترجم بعد إلى تحسينات ملموسة في السوق المحلية، مما يحد من تأثيرها على استقرار الليرة.
4. الطلب المحلي ومحدودية السيولة
تتأثر أسعار الصرف في السوق السوداء بالطلب المحلي على الدولار وتوافر السيولة النقدية. على سبيل المثال، تسجل الحسكة أسعارًا أعلى قليلاً من دمشق وحلب، مما يعكس تفاوتًا في توافر الدولار بين المناطق.
كما أن تسعير معظم السلع بالدولار بشكل غير مباشر يزيد من الضغط على الليرة، مما يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين.
5. العوامل السياسية الخارجية
تتزامن التقلبات الحالية مع تطورات سياسية إقليمية ودولية، مثل زيارات الرئيس السوري إلى دول الخليج وأوروبا، ولقاءاته مع قادة دول مثل السعودية وفرنسا.
هذه التحركات تعزز التفاؤل بإعادة اندماج سوريا في الاقتصاد العالمي، لكن غياب التنفيذ الفعلي للإصلاحات الاقتصادية يحد من تأثيرها الإيجابي على الليرة.
على الرغم من التفاؤل الذي أثارته تصريحات رفع العقوبات عن سوريا، إلا أن الليرة السورية لا تزال تواجه تحديات كبيرة في السوق السوداء، حيث سجل الدولار ارتفاعًا إلى 9800-10100 ليرة خلال تعاملات 16 مايو 2025.
يعكس هذا التراجع استمرار الفجوة بين التوقعات الاقتصادية والواقع المالي، مما يتطلب إصلاحات عميقة في السياسة النقدية وزيادة الإنتاج والصادرات لتحقيق استقرار دائم للعملة
