نفى السويسري فلاديمير بيتكوفيتش مدير فني منتخـب الجزائر لكرة القــدم، ان يكون قد ناقض نفسه باستدعاء بعض اللاعبــين الذين لا يشاركون بانتظام فى أنديتهم، موضحا أنه لم يقل قط “إنه لن يستدعي لاعبا لا يملك دقائق لعب كافية”، غير ان الواقع يؤكد ان مدير فني “الخُضر” وقع فعلا فى فخ بعض التناقضات وخاصة المتعلقة بقراراته المثيرة للجدل.
وكان غياب عادل بولبينة مهاجـم فريق أولمبيك بارادو وهداف الدورى الجزائري برصيـد 15 هدفا واحدا من أكثر القرارات المثيرة للجدل فى تشكيلة فلاديمير بيتكوفيتش الاخيرة، لا سيما أنها تشكيلة خلت من اللاعبــين المحليين، عدا إن تعلق الأمر بمدافع شبيبة القبائل محمد مداني وأيضا حارس اتحاد الجزائر أسامة بن بوط الذي تم استدعاؤه اضطراريًا لتعويض المصاب أنتوني ماندريا.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظرون تأكيد المدرب السويسري ما قيل قبل مؤتمره الصحفى، بأن غياب بولبينة كان بسـبـب اتفاق بيتكوفيتش وبوقرة على استفادة الأخير من اللاعب واستدعائه للمنتخب المحلي الذي يخوض بدوره معسكرا تحضيريا بمدينة عنابة شرق الجزائر، خرج المدرب بتصريحات ذكر فيها ان “عدم استدعائه هو الخيار الأفضل الآن”، وذلك بالنسبة إلى سنه وأيضا كونه فى “بداية مسيرته الاحترافية” على حد قوله.
وأعادت هذه التصريحات إلى الذاكرة بيانات أخرى من بيتكوفيتش بخصوص لاعبين آخرين فى نفس موقف هداف الدورى الجزائري، إلا ان التعامل معهم كان مختلفا، وعلى رأسها أمين شياخة مهاجـم فريق كوبنهاغن الشاب، الذي يعتبره الجميع مستقبل مركز المهاجم فى صـفوف “الخضر”.
وفي إجابته على سؤال يتعلق بلاعبي البطولة الجزائرية، وبولبينة تحديدا، قــال بيتكوفيتش يـوم أمس فى مؤتمره الصحفى مقابل الإعلام الجزائري: “هناك لاعبون مثيرون للاهتمام فى الدورى الجزائري، لقد شاهدنا العديد من المباريات وعندما لا أكون حاضرا فى الملاعب هناك من يراقب اللاعبــين ويمدنا بتقارير، بولبينة هو لاعــب مهم جدا بالنسبة لناديه بارادو، هو لاعــب شاب ويبلغ من العمر 21 عاما، إنه فى بداية مسيرته الاحترافية”.
وأضاف: “نتابع كل اللاعبــين ومن ضمنهم بولبينة وأعتقد ان عدم استدعاءه فى الوقت الحالي هو افضل خيار، ليس ممكنا ان تقف على مدى جودة لاعــب ما فى فترة قصيرة، يستلزم ان يستمر فى تأكيد إمكاناته لفترة طويلة وأيضا فى المستوى الدولى، وكل اللاعبــين الذين يستحقون الحضور فى المنتخـب سيحصلون على ذلك لأن أبواب المنتخـب دائما مفتوحة”.
مقارنة بين تبريرات فلاديمير بيتكوفيتش بشأن بولبينة وشياخة
وبمقارنة هذه التبريرات مع تلك التي قدمها بعد استدعاء أمين شياخة فى نوفمبر/ تشرين الثانى الماضي، نجد اختلافا جوهريا فى طريقة التعامل مع وضع كل منهما، إذ إن شياخة لم يكن يشترك فى مـسابقـه الدورى بتلك الفـترة، ذلك ان آخر مباراه ســاهم فيها بشكل فعلي فى الدورى الدنماركي كانت يـوم 18 آب/ أغسطس اثناء لعب شوطا واحدا مقابل فيبورغ، وبعدها اكتفى بدقيقة واحدة فى مقابلة بروندبي يـوم 1 أيلول/ سبتمبر، وفي دورى المؤتمر الأوروبي كان فى رصيد شياخة 14 دقيقة مقابل باشاك شهير التركي، والتي كانت كافية ليسجل هدفين ويؤكد أنه مهاجـم واعد فعلا.
ورغم قلة مشاركاته، كان من الضروري جدا استدعاؤه تفاديا لتعرضه لضغوط دنماركية من أجل استدعائه للمنتخب الاول لـ”الفاكينيغ”، غير ان بيتكوفيتش الذي جدد له الدعوة فى معسكر مارس الحالي بعد اكتسابه مزيدا من الدقائق وتأكيد إمكاناته كمهاجم صندوق، لم يضع سن اللاعب ولا قلة مشاركاته كمعيار لعدم استدعائه لأول مرة مثلما فعل مع بولبينة.
وكان المدرب السويسري قد تحدث عن شياخة بعد استدعائه فى نوفمبر الماضي، وأكد أنه غير جاهز للعب مع المنتخـب لكنه متاح للتجريب ورؤية إمكانياته عن قرب كونه مشروع للسنوات المقبلة، وقال: “أنا أستدعي ما يصل إلى 27 لاعبا لرؤية أكبر عدد ممكن، صحيح ان شياخة ليس جاهزا بنسبة 100% للمنتخب، لكننا سنكون قادرين على اختباره، إنه مشروع لـ 10 سنـوات قادمة”.
وإن لم يكن مهاجـم كوبنهاغن غير متاح للاستدعاء مع المنتخـب فى المعسكر الماضي بحكم قلة مشاركاته وأهدافه، فإن بولبينة اليـوم جاهز تماما لخوض هذه التجربة كونه هداف البطولة الجزائرية، ناهيك عن كونه فى سن الـ21 وليس شابا صاعدا فى سن الـ18 مثلما كان عليه الحال مع شياخة عندما استدعي لأول مرة، وهي المعطيات التي تجعل تبريرات بيتكوفيتش غير مقنعة بتاتا وتشير إلى تعامل بـ”معايير مزدوجة”، وهو التعامل الذي لم يكن ليُناقش لو ان المدرب أعلن أنها خيارات فنية مبنية على قناعاته الشخصية ورؤيته الكروية، بدلا من تقديم معايير مختلفة للاعبين شابين يملكان العديد من النقاط المشتركة.